السبت، 17 يناير 2009

الدر المنثور في التفسير بالمأثور_سورة المؤمنون

الدر المنثور في التفسير بالمأثور

سورة المؤمنون

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين

قوله تعالى:

بسم الله الرحمن الرحيم

‏ إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون*

والذين هم بآيات ربهم يؤمنون*

والذين هم بربهم لا يشركون*

والذين يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون*

أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون*

ولا نكلف نفسا إلا وسعها ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون‏.

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن قال‏:‏

ان المؤمن جمع احسانا وشفقة، وإن المنافق جمع اساءة وأمنا ثم تلا ‏

{‏ان الذين هم من خشية ربهم مشفقون‏}‏ إلى قوله ‏{‏انهم إلى ربهم راجعون‏}‏ وقال المنافق‏{‏إنما أوتيته على علم عندي‏}‏ ‏(‏القصص، الآية 71‏)‏‏.‏

وأخرج الفريابي وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن ماجة وابن أبي الدنيا في نعت الخائفين وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة قالت‏:‏ قلت‏:‏ ‏"‏يا رسول الله‏.‏ قول الله ‏{‏والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة‏}

أهو الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو مع ذلك يخاف الله‏؟

قال‏:‏ لا ولكن الرجل يصوم، ويتصدق، ويصلي، وهو مع ذلك يخاف الله ان لا يتقبل منه‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير وابن الأنباري في المصاحف وابن مردويه عن أبي هريرة قال‏:‏ قالت عائشة رضي الله عنها‏:‏ ‏"‏يا رسول الله ‏{‏والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة‏}‏ أهم الذين يخطئون ويعملون بالمعاصي‏؟‏

وفي لفظ‏:‏ هو الذي يذنب الذنب وهو وجل منه‏؟‏ قال‏:‏ لا، ولكن هم الذين يصلون، ويصومون، ويتصدقون، وقلوبهم وجلة‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس في قوله ‏{‏والذين يؤتون ما آتوا‏}

قال‏:‏ يعطون ما أعطوا‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة‏}‏ قال‏:‏ يعطون ما أعطوا‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة‏}‏ قال‏:‏ يعملون خائفين‏.‏

وأخرج الفريابي وابن جرير عن ابن عمر في قوله ‏{‏والذين يؤتون ما آتوا‏}‏ قال‏:‏ الزكاة‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن عائشة ‏{‏والذين يؤتون ما آتوا‏}‏ قالت‏:‏ هم الذين يخشون الله ويطيعونه‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ‏{‏والذين يؤتون ما آتوا‏}‏ قال‏:‏ يعطون ما أعطوا ‏{‏وقلوبهم وجلة‏}‏ قال‏:‏ مما يخافون مما بين أيديهم من الموقف وسوء الحساب‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد ‏{‏والذين يؤتون ما آتوا‏}‏ قال‏:‏ يعطون ما أعطوا ‏{‏وقلوبهم وجلة‏}‏ قال‏:‏ المؤمن ينفق ماله وقلبه وجل‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن الحسن وقتادة انهما كانا يقرأان ‏{‏يؤتون ما آتوا‏}‏ قال‏:‏ يعملون ما عملوا من الخيرات، ويعطون ما أعطوا على خوف من الله عز وجل‏.‏

وأخرج ابن المبارك في الزهد بن حميد وابن جرير عن الحسن ‏{‏والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة‏}‏ قال‏:‏ كانوا يعملون ما يعملون من أعمال البر، ويخافون أن لا ينجيهم ذلك من عذاب الله‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن ابن أبي مليكة قال‏:‏ قالت عائشة رضي الله عنها‏:‏ لأن تكون هذه الآية كما اقرأ أحب إلي من حمر النعم‏.‏ فقال لها ابن عباس‏:‏ ما هي‏؟‏ قالت‏:‏ ‏{‏والذين يؤتون ما آتوا‏}‏‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ ‏{‏والذين يؤتون ما أتوا‏}‏ مقصور من المجيء‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبخاري في تاريخه وعبد بن حميد وابن المنذر وابن اشته وابن الأنباري معا في المصاحف والدار قطني في الأفراد والحاكم وصححه وابن مردويه عن عبيد بن عمير أنه سأل عائشة‏"‏كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية ‏{‏والذين يؤتون ما أتوا، أو الذين يؤتون ما آتوا‏؟‏‏}‏ فقال‏:‏ أيتهما أحب اليك‏؟‏ قلت‏:‏ والذي نفسي بيده لأحدهما أحب إلي من الدنيا جميعا‏.‏قالت‏:‏ أيهما‏؟‏ قلت ‏{‏والذين يؤتون ما آتوا‏}‏ فقالت‏:‏ أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك كان يقرأها، وكذلك أنزلت ولكن الهجاء حرف‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون‏}‏ قال‏:‏ سبقت لهم السعادة من الله‏.‏

قوله تعالى‏:

‏ بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون‏.‏

أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {‏بل قلوبهم في غمرة من هذا‏}‏ قال‏:‏ يعني بالغمرة الكفر والشك ‏{‏ولهم أعمال من دون ذلك‏}‏ يقول‏:‏ أعمال سيئة دون الشرك ‏{‏هم لها عاملون‏}‏ قال‏:‏ لا بد لهم من أن يعملوها‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ‏{‏بل قلوبهم في غمرة من هذا‏}‏ قال‏:‏ في عمى من هذا القرآن ‏{‏ولهم أعمال‏}‏ قال‏:‏ خطايا ‏{‏من دون ذلك هم لها عاملون‏}‏ قال‏:‏ لا بد لهم أن يعملوها‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ‏{‏بل قلوبهم في غمرة من هذا‏}‏ قال‏:‏ في غفلة من أعمال المؤمنين ‏{‏ولهم أعمال من دون ذلك‏}‏ قال‏:‏ هي شر من أعمال المؤمنين، ذكر الله ‏{‏الذين هم من خشية ربهم مشفقون‏}‏ ‏(‏المؤمنون، الآية 57‏)‏ والذين والذين، ثم قال للكافرين ‏{‏بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال‏}‏ من دون الأعمال التي سمى الذين والذين والذين‏.‏

قوله تعالى‏:‏ حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذ هم يجأرون*لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون*قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون*مستكبرين به سامرا تهجرون‏.‏

أخرج النسائي عن ابن عباس في قوله ‏{‏حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ هم أهل بدر‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة ‏{‏حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب‏}‏ قال‏:‏ ذكر لنا انها نزلت في الذي قتل الله يوم بدر‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ‏{‏حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب‏}‏ قال‏:‏ بالسيوف يوم بدر ‏{‏إذا هم يجأرون‏}‏ قال‏:‏ الذين بمكة‏.‏وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير {‏حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب‏}‏ قال‏:‏ بالسيف يوم بدر‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله ‏{‏حتى إذا أخذنا مترفيهم‏}‏ قال‏:‏ مستكبريهم‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏إذا هم يجارون‏}‏ قال‏:‏ يستغيثون‏.‏ وفي قوله‏:‏ ‏{‏فكنتم على أعقابكم تنكصون‏}‏ قال‏:‏ تدبرون‏.‏ وفي قوله ‏{‏سامرا تهجرون‏}‏ قال‏:‏ تسمرون حول البيت وتقولون هجرا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ‏{‏تنكصون‏}‏ قال‏:‏ تستأخرون‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة ‏{‏مستكبرين به‏}‏ قال‏:‏ بالبيت والحرام ‏{‏سامرا‏}‏ قال‏:‏ كان سامرهم لا يخاف مما اعطوا من الأمن، وكانت العرب تخاف سامرهم ويغزو بعضهم بعضا، وكان أهل مكة لا يخافون ذلك بما أعطوا من الأمن ‏{‏تهجرون‏}‏ قال‏:‏ يتكلمون بالشرك والبهتان في حرم الله وعند بيته قال‏:‏ وكان الحسن يقول ‏{‏سامرا تهجرون‏}‏ كتاب الله ونبي الله‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن {‏مستكبرين به‏}‏ قال‏:‏ بحرمي ‏{‏سامرا تهجرون‏}‏ قال‏:‏ القرآن وذكري ورسولي‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس ‏{‏مستكبرين به‏}‏ قال‏:‏ مستكبرين بحرمي، ‏{‏سامرا‏}‏ فيه مما لا ينبغي من القول‏.‏

واخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد ‏{‏مستكبرين به‏}‏ قال‏:‏ بمكة بالبلد ‏(‏سامرا‏)‏ قال‏:‏ مجالسا ‏{‏تهجرون‏}‏، بالقول السيء في القرآن‏.‏

وأخرج عبد ابن حميد وابن أبي حاتم عن أبي صالح، ‏{‏مستكبرين به‏}‏ قال‏:‏ بالقرآن‏.‏

وأخرج الطستي عن ابن عباس ان نافع بن الأزرق قال له‏:‏ أخبرني عن قوله عز وجل ‏{‏سامرا تهجرون‏}‏ قال‏:‏ كانوا يهجرون على اللهو والباطل، قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ أما سمعت الشاعر يقول‏:‏

وباتوا بشعب لهم سامرا * إذا خب نيرانهم أوقدوا

وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال‏:‏ كانت قريش تسمر حول البيت ولا تطوف به، ويفتخرون به، فأنزل الله ‏{‏مستكبرين به سامرا تهجرون‏}‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {‏سامرا تهجرون‏}‏ قال‏:‏ كانت قريش يستحلقون حلقا يتحدثون حول البيت‏.‏

وأخرج أبن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والحاكم وصححه عن ابن عباس ‏"‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ ‏{‏مستكبرين به سامرا تهجرون‏}‏ قال‏:‏ كان المشركون يهجرون رسول الله صلى الله عليه وسلم في القول في سمرهم‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ ‏{‏سامرا تهجرون‏}‏ بنصب التار ورفع الجيم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة انه قرأ ‏{‏سامرا تهجرون‏}‏ وكانوا إذا سمروا هجروا في القول‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله ‏{‏سامرا تهجرون‏}‏ قال‏:‏ تهجرون الحق‏.‏

وأخرج النسائي وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس قال‏:‏ إنما كره السمر حين نزلت هذه الآية ‏{‏مستكبرين به سامرا تهجرون‏}‏ قال‏:‏ مستكبرين بالبيت، تقولون‏:‏ نحن أهله ‏{‏تهجرون‏}‏ قال‏:‏ كانوا يهجرونه ولا يعمرونه‏.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق