الأربعاء، 7 يناير 2009

خطبة حجة الوداع

خطبة حجة الوداع

((الحمد لله، نحمَده ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه. ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيِّئات أعمالنا. من يَهْدِ الله فلا مُضلّ له، ومن يُضلِلْ فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحْده لا شريك له، وأنّ محمداً عبدُه ورسولُه. أوصيكُم عبادَ الله بتقوى الله! وأحثّكم على طاعته! وأستفتح بالذي هو خير.أمّا بعد،

أيها الناس!

اسمعوا منِّي أًبَيِّنْ لكم! فإنِّي لا أدري لعلّي لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا.

أيها الناس!

إنّ دماءَكم وأموالَكم عليكم حرام إلى أن تلقَوْا ربّكم، كحُرمة يومكم هذا،

في شهْركم هذا، في بلَدكم هذا. ألاَ هل بلّغت؟ اللهم اشْهدْ! فمَن كانت عنده أمانةٌ فلْيُؤدِّها إلى الذي ائتَمَنه عليها.

وإنّ رِبا الجاهلية موضوع. وإنّ أوّلَ رباً أبدأ به: رِبَا عمِّي العباس بن عبد المطلب. وإن دماءَ الجاهلية موضوعة. وأوّلُ دمٍ أبدأ به: دمُ عامر بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب. وإنّ مآثِرَ الجاهلية موضوعة، غيرَ السّدانة والسِّقاية. والعَمْد قَوَد. وشِبْه العَمْد ما قُتل بالعصا والحجَر، وفيه مائة بعير؛ فمن زاد فهو من أهل الجاهلية.

أيّها الناس!

إنّ الشيطان قد يئِس أن يُعبد في أرضكم هذه، ولكنّه قد رضِي أن يُطاع فيما سوى ذلك ممّا تَحقِرون من أعمالكم.

أيها الناس!

{إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ}. إنّ الزمان قد استدار كهيئتِه يومَ خلَق الله السموات والأرض، منها أربعةٌ حُرُم: ثلاثٌ متواليات، وواحدٌ فرد: ذو القعدة، وذو الحجّة، والمُحرّم، ورجب الذي بين جُمادى وشعبان. ألاَ هل بلّغت؟

اللّهمّ اشهد!

أيها الناس!

إنّ لِنسائكم عليكم حقاً، ولكُم عليهنّ حقّ. ولكُم عليهنّ ألاّ يوطِئْنَ فُرَشَكم غيرَكم، ولاَ يُدخلْن أحداً تكرهونه بيوتَكم إلاّ بإذْنكم، ولا يأتينَ بفاحشة مبيِّنة. فإن فعلْن، فإنّ الله قد أذِن لكم أن تهجروهنّ في المضاجع، وتضربوهنّ ضرباً غيرَ مبرِّح. فإن انتهيْن وأطعْنَكم، فعليكم رزقُهنّ وكسوتهنّ بالمعروف. وإنما النساء عندكم عوانٍ لا يملكْن لأنفسهنّ شيئاً. أخذتموهُنّ بأمانة الله،

واستحلَلْتم فروجهنّ بكلمة الله. فاتّقوا الله في النساء! واستَوْصُوا بهنّ خيْراً!

ألاَ هل بلّغْت؟ اللهمّ اشهَدْ!

ألاَ هل بلّغت؟ اللهمّ اشهدْ!

أيها الناس!

إنما المؤمنون إخْوة، ولا يَحِلُّ لامرئٍ مسلم مالُ أخيه إلاّ عن طيبِ نفْسٍ منه!

ألا هل بلّغت؟ اللهمّ اشهدْ!

فلا ترجِعُنّ بعدي كفّاراً يضرب بعضُكم رقابَ بعضٍ؛

فإنِّي قد تركتُ فيكم ما إن تمسّكتُم به لن تَضِلّوا بعده:

كتاب الله! ألا هل بلّغت؟

اللهم اشهدْ!

أيها الناس!

إنّ ربكم واحد! وإنّ أباكم واحد! كلّكم لآدم، وآدمُ من تراب!

أكرمُكم عند الله أتقاكم. إن الله عليم خبير.

ليس لعربِيٍّ على عَجميٍّ فضلٌ إلاّ بالتقوى. ألاَ هل بلّغت؟ اللهمّ اشهدْ!)).

قالوا: نعم. قال: ((فلْيُبلِّغِ الشّاهدُ الغائبَ!

أيّها الناس!

إنّ الله قسَم لكلِّ وارثٍ نصيبَه من الميراث؛

فلا تجوز وصيّة لوارث في أكثر من الثّلث. والولدُ للفراش، وللعاهر الحجَر.

مَن ادّعَى لغير أبيه، أو تولّى غيرَ مواليه، فعليه لعنةُ الله والملائكة والناس أجمعين؛

لا يُقبل منه صرفٌ ولا عدلٌ. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته)).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق